نحو فريد الأطرش
مباشرة ومن دون أي محسنات لغوية أو انفعالات بالوصف .
فريد الأطرش ، صرح فني شاهق ، انتصب بمكان وزمان لم يكن به مكان لأحد ، حيث كان مشبع بالعباقرة :
محمد القصبجي ، زكريا أحمد ، رياض السنباطي ، محمد عبد الوهاب .
لكن فريد وقف بينهم فجأة ، بل وتجاوزهم بكثير من أعماله .
القصبجي ، هذا العبقري الفذ ، الذي يعتبروه في روسية أحد أعظم موسيقاريي العالم ، وشيدوا معهد عال للموسيقى باسمه .
القصبجي ، تبنّى صوت أسمهان ، وقدم لها أعمال خارقة بالعرف الموسيقي ، وكان القصبجي صاحب باع طويل وخبرة ، وفجأة ، حين أعطى فريد وهو بأول مشواره الفني لأسمهان ( يا بدع الورد ) ثم ( ليالي الأنس في فيينا ) لم يستطع أحد أن يتجاوز هذين العملين . ولا حتى القصبجي نفسه بالرغم من أن جملته الموسيقية ( القصبجي ) تصل بجودة تركيبتها لأعلى مراحل الجودة والإتقان والجمال على الإطلاق ( ما تخرّش منها الميّة ) و هو الأب الروحي لموسيقا فريد الأطرش .
وبعد أن توفت أسمهان ، صاحبة الصوت الماسي ، الخارق في إمكانياته ( ............ ) فَقَدَ فريد الأطرش الوسيلة التي كان سينقل عبرها ما بجعبته .
فريد الذي نعرفه الآن ، هو نصفه ، أي نعم هذا نصفه فقط . ودليلي هو :
صوت فريد يشبّه بعنق الزجاجة ( قعره واسع وخروجه ضيّق ) و إمكانيات صوته لا تصل للجودة التي يريدها هو لأعماله ، بالرغم من الروعة منقطعة النظير والتي يحملها صوته . لكنه ليس هو الوسيلة الأمثل ولا بجودة صوت أسمهان قياساً لأداء أعماله .
لذا، فأعماله كانت تحتاج صوت أسمهان الذي عزّ نظيره بالدنيا . وفريد ظل لآخر أيامه يلحن للمرحومة أسمهان .
وأنا أطلب من الجميع ما يلي :
1 - أن يحسنوا الإصغاء أكثر لأسمهان ، دققوا بصوتها جيداً ( لن تجدوا أجود منه ) .
2 – بعد التبحّر بصوتها ، تخيّلوها هي تغنّي ( أول همسة ، حبيب العمر ، بنادي عليك ، آدي الربيع ، يا خوفي بعدو لا يطوّل ، يا زهرة في خيالي ، أنا واللي بحبو ، ساعة بقرب الحبيب ، مين يعرف ، حبيبي سلامتك ،،،،،،،، وهكذا سنعد ألف عمل ) وللإختصار ، لن أدل على الجمل الموسيقية ضمن تلك الأغاني والتي تُظهر أسمهانية الخيال عند فريد .
بكل ثقة أقول :
لو أن هذه الأعمال قالتها أسمهان ، لكانت تربعت على عرش الغناء العالمي ، دون منازع ،،،، قطع بت .
تأكدوا بأن خسارة الفن فادحة جداً ، فكيف بقلب فريد الأطرش أن يحمل هذه الخسارة . تصوروا نجيب محفوظ وقد حرموه من الحبر والورق .
باب آخر :
فريد ، حين يعطي لغيره لحناً ، كان سخي جداً ، ليس هناك من هو أكرم منه بالعطاء . وله قدرة ورشاقة فائقة على التأقلم مع ألوان غنائية متباعدة . وهذه الرشاقة والتأقلم لم يمتلكها أحد مثله .
حين يلحّن فريد الأطرش لغيره ، حتى ولو كان لحناً واحداً ، فهذا اللحن سيكون مثل البقعة الفوسفورية بين أغاني ذلك الغير .
لم يخف أو يكترث من أي موسيقار ، بل خاف منه الجميع وحاربوه كثيراً ، وحاول كل الملحنون أن يحتكروا الأصوات الجميلة ويحجبوها عنه ، وفقط عنه . لأن فريد حين يعطي لحناً واحداً فقط لأي صوت ، فلن يستطيع أي ملحن بعد فريد أن يعطي لحناً يتجاوز به ما قدمه فريد لهذا الصوت ( لا أحد يستطيع أن يحجب جاذبية وسطوع الفوسفور ) .
وبرهاني على هذا الكلام هو :
وديع الصافي مثلاً ، قبل تعامله مع فريد الأطرش ، كان قد قدم ما يقارب 400 أغنية ، له لونه عظيم الشأن ، إنما حين أخذ من فريد ( على الله تعود ) اختُزِل ماضي وحاضر وديع في دائرة هذه الأغنية وبين قوسيها ولم يقدر أحد أن يتجاوزها إلى الآن . ولا حتى محمد عبد الوهاب . أليست بقعة فوسفورية بتاريخ وديع ؟؟
صباح ، نفس الحالة ، ( أكلك منين يا بطة ، شو إسمك ، يا حلوة لبنان ، يا دلع يا دلع ) وهذه الأخيرة ( يا دلع ) أوقفت العقد بين عبد الوهاب وصباح لمدة سنتين لأن عبد الوهاب لم يستطع اختراق هذا اللحن ( هنا تدخل الطبائع الشخصية ) . وإلى الآن لم يقدر أحد على تجاوز هذه الأعمال مع صباح .
محرم فؤاد ( يا واحشني رد علي ) .
فهد بلان ( ما أقدرش على كدة ) قال له فريد : يا فهد عاوز إديلك لحن ما يتنسيش لولد الولد . وفعلها واعطاه لحناً ذا نبض وحركة تعشقها كل الشعوب . ثم أرفق معها أغنية ( وشوي شوي يا بنية ) .
سميرة توفيق ( بيع الجمل يا علي ) .
عصام رجي ، كان شاب صغير لا يعرفه أحد ، أعطاه فريد الأطرش أغنية بكل كرم وصدق ، خلّده بها ، صارت مثل الفولكلور الأزلي ( هزّي يا نواعم خصرك الحرير ) .
لهذا فقد خاف منه الرحابنة ولم يسمحوا لفيروز أن تأخذ منه ، وخاف منه الجميييييييييع دون استثناء ، لأنه كريم وبارع ورشيق بالانتقال بين نبض الألوان . وباختصار ودون تعداد الأسماء ، واحتكروا الأصوات ومنعوها عنه ، فقط عنه .
فكيف ستأخذ منه أم كلثوم ، في حين أن ( الشلّة ) كلها تحاصرها ؟؟ لقد حرموا العالم من فن وأعمال لا مثيل لها .
فكيف لو عاشت أسمهان ؟؟ كيف كان سيكرمها ؟؟ ليس فقط لأنها أخته ، بل لجودة صوتها القادر على تنفيذ أعمال فريد الأطرش بشكل أمثل .
أليس هو من تحدى ( بالمعنى اللطيف ) المصريين بألحان ذات عاطفة مصرية بحتة ضمن دارهم ؟؟ ولحّن الشعبي الصعيدي ( الفلاحة ) وغيرها .
كنت اتمنى أن يغني له محمد رشدي .
أخيراً وليس آخراً أقول :
كي تحب فريد الأطرش بشكل صحيح ، يجب أن تمتلك مشاعر حاتمية عالية الجودة .
كي تحب فريد الأطرش يجب أن تتحلّى بطبائع النبلاء وحالات ابن زيدون . لأن فريد فعلاً أميييييير بالمعنى الشاعري للأمير .
وبغير هذا لن تعرف أن تحبه
الله يرحمو
للتنويه : كل ما قلته يندرج تحت عنوان ( نحو فريد الأطرش ) كما تلاحظون ، وأقصد بهذا هو أنه لا يمكن أن أمسك بأكثر من بعد من أبعاد فنان كهذا في مقال أو اثنين ، وكل ما أستطيعه أنا وغيري هو أن نتجه نحو تلك الشخصيات بالتحليل والقول .
مباشرة ومن دون أي محسنات لغوية أو انفعالات بالوصف .
فريد الأطرش ، صرح فني شاهق ، انتصب بمكان وزمان لم يكن به مكان لأحد ، حيث كان مشبع بالعباقرة :
محمد القصبجي ، زكريا أحمد ، رياض السنباطي ، محمد عبد الوهاب .
لكن فريد وقف بينهم فجأة ، بل وتجاوزهم بكثير من أعماله .
القصبجي ، هذا العبقري الفذ ، الذي يعتبروه في روسية أحد أعظم موسيقاريي العالم ، وشيدوا معهد عال للموسيقى باسمه .
القصبجي ، تبنّى صوت أسمهان ، وقدم لها أعمال خارقة بالعرف الموسيقي ، وكان القصبجي صاحب باع طويل وخبرة ، وفجأة ، حين أعطى فريد وهو بأول مشواره الفني لأسمهان ( يا بدع الورد ) ثم ( ليالي الأنس في فيينا ) لم يستطع أحد أن يتجاوز هذين العملين . ولا حتى القصبجي نفسه بالرغم من أن جملته الموسيقية ( القصبجي ) تصل بجودة تركيبتها لأعلى مراحل الجودة والإتقان والجمال على الإطلاق ( ما تخرّش منها الميّة ) و هو الأب الروحي لموسيقا فريد الأطرش .
وبعد أن توفت أسمهان ، صاحبة الصوت الماسي ، الخارق في إمكانياته ( ............ ) فَقَدَ فريد الأطرش الوسيلة التي كان سينقل عبرها ما بجعبته .
فريد الذي نعرفه الآن ، هو نصفه ، أي نعم هذا نصفه فقط . ودليلي هو :
صوت فريد يشبّه بعنق الزجاجة ( قعره واسع وخروجه ضيّق ) و إمكانيات صوته لا تصل للجودة التي يريدها هو لأعماله ، بالرغم من الروعة منقطعة النظير والتي يحملها صوته . لكنه ليس هو الوسيلة الأمثل ولا بجودة صوت أسمهان قياساً لأداء أعماله .
لذا، فأعماله كانت تحتاج صوت أسمهان الذي عزّ نظيره بالدنيا . وفريد ظل لآخر أيامه يلحن للمرحومة أسمهان .
وأنا أطلب من الجميع ما يلي :
1 - أن يحسنوا الإصغاء أكثر لأسمهان ، دققوا بصوتها جيداً ( لن تجدوا أجود منه ) .
2 – بعد التبحّر بصوتها ، تخيّلوها هي تغنّي ( أول همسة ، حبيب العمر ، بنادي عليك ، آدي الربيع ، يا خوفي بعدو لا يطوّل ، يا زهرة في خيالي ، أنا واللي بحبو ، ساعة بقرب الحبيب ، مين يعرف ، حبيبي سلامتك ،،،،،،،، وهكذا سنعد ألف عمل ) وللإختصار ، لن أدل على الجمل الموسيقية ضمن تلك الأغاني والتي تُظهر أسمهانية الخيال عند فريد .
بكل ثقة أقول :
لو أن هذه الأعمال قالتها أسمهان ، لكانت تربعت على عرش الغناء العالمي ، دون منازع ،،،، قطع بت .
تأكدوا بأن خسارة الفن فادحة جداً ، فكيف بقلب فريد الأطرش أن يحمل هذه الخسارة . تصوروا نجيب محفوظ وقد حرموه من الحبر والورق .
باب آخر :
فريد ، حين يعطي لغيره لحناً ، كان سخي جداً ، ليس هناك من هو أكرم منه بالعطاء . وله قدرة ورشاقة فائقة على التأقلم مع ألوان غنائية متباعدة . وهذه الرشاقة والتأقلم لم يمتلكها أحد مثله .
حين يلحّن فريد الأطرش لغيره ، حتى ولو كان لحناً واحداً ، فهذا اللحن سيكون مثل البقعة الفوسفورية بين أغاني ذلك الغير .
لم يخف أو يكترث من أي موسيقار ، بل خاف منه الجميع وحاربوه كثيراً ، وحاول كل الملحنون أن يحتكروا الأصوات الجميلة ويحجبوها عنه ، وفقط عنه . لأن فريد حين يعطي لحناً واحداً فقط لأي صوت ، فلن يستطيع أي ملحن بعد فريد أن يعطي لحناً يتجاوز به ما قدمه فريد لهذا الصوت ( لا أحد يستطيع أن يحجب جاذبية وسطوع الفوسفور ) .
وبرهاني على هذا الكلام هو :
وديع الصافي مثلاً ، قبل تعامله مع فريد الأطرش ، كان قد قدم ما يقارب 400 أغنية ، له لونه عظيم الشأن ، إنما حين أخذ من فريد ( على الله تعود ) اختُزِل ماضي وحاضر وديع في دائرة هذه الأغنية وبين قوسيها ولم يقدر أحد أن يتجاوزها إلى الآن . ولا حتى محمد عبد الوهاب . أليست بقعة فوسفورية بتاريخ وديع ؟؟
صباح ، نفس الحالة ، ( أكلك منين يا بطة ، شو إسمك ، يا حلوة لبنان ، يا دلع يا دلع ) وهذه الأخيرة ( يا دلع ) أوقفت العقد بين عبد الوهاب وصباح لمدة سنتين لأن عبد الوهاب لم يستطع اختراق هذا اللحن ( هنا تدخل الطبائع الشخصية ) . وإلى الآن لم يقدر أحد على تجاوز هذه الأعمال مع صباح .
محرم فؤاد ( يا واحشني رد علي ) .
فهد بلان ( ما أقدرش على كدة ) قال له فريد : يا فهد عاوز إديلك لحن ما يتنسيش لولد الولد . وفعلها واعطاه لحناً ذا نبض وحركة تعشقها كل الشعوب . ثم أرفق معها أغنية ( وشوي شوي يا بنية ) .
سميرة توفيق ( بيع الجمل يا علي ) .
عصام رجي ، كان شاب صغير لا يعرفه أحد ، أعطاه فريد الأطرش أغنية بكل كرم وصدق ، خلّده بها ، صارت مثل الفولكلور الأزلي ( هزّي يا نواعم خصرك الحرير ) .
لهذا فقد خاف منه الرحابنة ولم يسمحوا لفيروز أن تأخذ منه ، وخاف منه الجميييييييييع دون استثناء ، لأنه كريم وبارع ورشيق بالانتقال بين نبض الألوان . وباختصار ودون تعداد الأسماء ، واحتكروا الأصوات ومنعوها عنه ، فقط عنه .
فكيف ستأخذ منه أم كلثوم ، في حين أن ( الشلّة ) كلها تحاصرها ؟؟ لقد حرموا العالم من فن وأعمال لا مثيل لها .
فكيف لو عاشت أسمهان ؟؟ كيف كان سيكرمها ؟؟ ليس فقط لأنها أخته ، بل لجودة صوتها القادر على تنفيذ أعمال فريد الأطرش بشكل أمثل .
أليس هو من تحدى ( بالمعنى اللطيف ) المصريين بألحان ذات عاطفة مصرية بحتة ضمن دارهم ؟؟ ولحّن الشعبي الصعيدي ( الفلاحة ) وغيرها .
كنت اتمنى أن يغني له محمد رشدي .
أخيراً وليس آخراً أقول :
كي تحب فريد الأطرش بشكل صحيح ، يجب أن تمتلك مشاعر حاتمية عالية الجودة .
كي تحب فريد الأطرش يجب أن تتحلّى بطبائع النبلاء وحالات ابن زيدون . لأن فريد فعلاً أميييييير بالمعنى الشاعري للأمير .
وبغير هذا لن تعرف أن تحبه
الله يرحمو
للتنويه : كل ما قلته يندرج تحت عنوان ( نحو فريد الأطرش ) كما تلاحظون ، وأقصد بهذا هو أنه لا يمكن أن أمسك بأكثر من بعد من أبعاد فنان كهذا في مقال أو اثنين ، وكل ما أستطيعه أنا وغيري هو أن نتجه نحو تلك الشخصيات بالتحليل والقول .